الرباط ـ 'القدس العربي' من محمود معروف: خفف تنويه العاهل المغربي الملك محمد السادس بتقارير حقوقية رسمية الكثير من الاثار السلبية لتقرير دولي قدم بجنيف حول حقوق الانسان بالمغرب.
في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في عهد الملك محمد السادس، ذكر بيان للديوان الملكي أن الملك نوه بمقاربة وفحوى التقارير الموضوعاتية المرفوعة إليه من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي مغربي) فيما كان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في دورته المنعقدة في جنيف يتداول تقرير اخوان مانديث مقرر الامم المتحدة حول التعذيب بشأن وضع حقوق الانسان بالصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبة البوليزاريو.
وقال بيان الديوان الملكي المغربي ان العاهل المغربي الملك محمد السادس نوه بالتقارير التي تم اعتمادها في الدورة الرابعة العادية للمجلس الوطني لحقوق الانسان والمتعلقة بمساهمات المجلس في بعض الإصلاحات التشريعية ذات الصلة بتفعيل مقتضيات الدستور الجديد.
والتقارير الاربعة المشار اليها هي تقريرا حول المحكمة الدستورية متضمنا مساهمات المجلس المتعلقة بتنظيم وسير المحكمة الدستورية، ووضعية أعضائها والمسطرة المتبعة أمام هذه المحكمة العليا المكلفة بالسهر على احترام الدستور وسلامة الانتخابات التشريعية ويتعلق التقرير الثاني بالمحكمة الدستورية ومقترحات المجلس الخاصة بشروط وكيفيات تطبيق التجديد الهام المعروف بـ 'الدفع بعدم الدستورية'، والذي يتيح لشخص طرف في نزاع معروض على القضاء أن يثير عدم دستورية قانون معين.
ويتعلق التقرير الثالث بإنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمُحدث بمقتضى الدستور، والذي من شأن إحداثه في أقرب الآجال أن يعطي بعدا فعليا لفصل السلط، ولاستقلال السلطة القضائية، وفق رؤية المجلس.
وتطرق التقرير الثالث إلى إصلاح المحكمة العسكرية، حيث يتضمن مقترحات المجلس الخاصة بملائمة النصوص السارية المفعول مع مقتضيات الدستور الجديد والالتزامات الدولية للمملكة واقترح أن لا تتم متابعة المدنيين أمام المحكمة العسكرية، وأن تتم إعادة تحديد اختصاص هذه المحكمة حتى لا تكون المحكمة العسكرية مختصة في وقت السلم إلا بالنظر في الجرائم المتعلقة بالانضباط العسكري أو التي يتورط فيها العسكريون في المس بأمن الدولة أو الإرهاب. أما في المجالات الأخرى فإن العسكريين ستتم مقاضاتهم على غرار مواطنيهم المدنيين أمام المحاكم العادية.
واثار تقديم ناشطين صحراويين متهمين بقتل جنود مغاربة امام محكمة عسكرية انتقادات واسعة رغم اقرار مراقبين دوليين بنزاهة المحكمة وعدالتها.
وكانت اخر هذه الانتقادات في تقرير المقرر الاممي حول التعذيب خوان الذي قدمه الى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ضمن دورته الـ21 المنعقدة في جنيف واعرب فيه عن 'قلقه الشديد ازاء تقديم 25 معتقلا مدنيا صحراويا امام محكمة عسكرية من طرف السلطات المغربية، مبرزا في تقرير يقدم انه تلقى شهادات تؤكد تعرض المعتقلين الصحراويين للتعذيب وسوء المعاملة والاغتصاب وتدهور حالاتهم الصحية بسبب سوء ظروف الاعتقال'.
واضاف مانديث 'ان المحاكمة اجلت عدة مرات دون تقديم مبرر حول اسباب التأجيلات المتكررة ، وفي الاخير اصدرت المحكمة احكامها 'رافضة كل المطالب بالتحقيق في شكاوى التعذيب واجراء الكشف الطبي لحالات الاغتصاب'.
ولاحظ المقرر ان المحكمة 'لم تصدر احكاما كتابية'مسجلا في هذا الشأن بقلق شديد رفض المحكمة التحقيق في التعذيب الذي تعرض له المعتقلون على مدار اكثر من سنتين وان مجرد تقديمهم كمدنيين امام محكمة عسكرية يكفي بان نجمع على ان المحاكمة 'غير شفافة وغير عادلة 'وهو ما جعلها ترفض التحقيق في موضوع التعذيب وسوء المعاملة.
وجاءت انتقادات مانديث سياق تقريره حول زيارته للمغرب في ايلول (سبتمبر) الماضي زار خلالها مدينة العيون كبرى حواضر الصحراء الغربية التقى خلالها ناشطين من مختلف الاتجاهات قال انه 'تلقى خلالها عدة شهادات وتقارير حول الوضع القانوني والسياسي للاقليم وشكاوى متعلقة بمجموعة واسعة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان علاوة على التعذيب وسوء المعاملة و تقارير اخرى عديدة حول مواضيع تدخل في اطار مهامه وصلاحياته'.
وقال مانديث انه تلقى تقارير موثوق بها وذات مصداقية حول ممارسة التعذيب وسوء المعاملة بما فيها الاغتصاب والكي بالسجائر والعزل في زنازن انفرادية لاسابيع في سجن العيون واساسا في حق المعتقلين على خلفية مطالبتهم باستقلال الصحراء.
ودعا مانديث الحكومة المغربية بالتحقيق وعلى وجه السرعة في شكاوى التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها المتظاهرون اثناء وبعد المظاهرة وبسجن العيون ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات واعادة النظر في المحاكمة العسكرية للمدنيين الصحراوين الـ25 والسهر على ان يحاكم المدنيون امام محاكم مدنية وفتح تحقيق جاد ومحايد عما حدث للوقوف على الحقائق في القضية وتحديد مسؤوليات رجال الشرطة وقوات الامن والتحقيق في كل شكاوى التعذيب وسوء المعاملة.
وقد تكون من باب المصادفة تزامن تنويه العاهل المغربي بتقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان حول تقديم مدنيين امام المحكمة العسكرية، الا انها ستساعد الوفد المغربي بجنيف للمرافعة عن التقدم الذي تعرفه بلاده في مجال حقوق الانسان.
وحسب موقع 'كود' المغربي فان بلاغ الديوان الملكي الذي نوه بالتقارير الموضوعاتية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حمل مجموعة من الرسائل السياسية المشفرة للإسلاميين وحكومة بنكيران والبرلمان وان أولى هذه الرسائل موجهة للإسلاميين الذين يخوضون حرب تشكيك لا هوادة اتجاه المجلس الوطني ويتهمونه انه تحول إلى نادي يساري وموجهة الى حكومة عبد الإله بنكيران التي أحالت مخططها التشريعي على البرلمان والذي تضمن مشاريع قوانين تنظيمية وعادية متعلقة بالقضايا التي قدم فيها مجلس اليازمي اقتراحاته وفي مقدمتها القانونان التنظيميان للمحكمة الدستورية التي تضمنت مساهمات المجلس المتعلقة بتنظيم وسير المحكمة الدستورية ووضعية أعضائها والمسطرة المتبعة أمام هذه المحكمة العليا المكلفة بالسهر على احترام الدستور وعلى سلامة الانتخابات التشريعية بالإضافة للقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وان تنويه البلاغ الملكي يحمل في طياته دعوة ضمنية لحكومة عبد الإله بنكيران بالأخذ بعين الاعتبار اجتهادات المــجلــس أثناء الإعـــداد لـــهذه القوانين، وعدم تهميش حضوره باعتباره أحد مجالس الحكامة المنصوص عليها في الدستور.
اما الرسالة الثالثة فموجهة للمؤسسة التشريعية باعتبارها مجال إنتاج القوانين، لدفعها نحو التحرك التشريعي المكثف ووضع سلم أولوياتها التشريعية بدل الخوض في سجال سياسي صوتي يخرج دورة تشريعية ضعيفة الإنتاج كما حصل مع الدورة الخريفية الماضية.

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\03qpt953.htm&arc=data\2013\03\03-03\03qpt953.htm
تعليقات
0 تعليقات