اقرأ المزيد عن الخبر

الزيارات:
ذكرى غرق سفينة تايتانيك

مرسلة بواسطة Unknown يوم 0 التعليقات
سفينة تايتانيك


هل يقدر الله أن يغرق هذه السفينة؟، قالها ملاح متغطرس وهو ينظر مبهورا إلى ما صنعت يداه، معجزة العصر التى أشادت بها الصحف مؤكدة أنه إنجاز رائع حققه الإنسان، السفينة تايتانيك، والتى أعلن عن قيام أولى رحلاتها عبر المحيط الأطلنطى من إنجلترا إلى الولايات المتحدة، يوم 10 أبريل 1912، والتى قيل أنها "لا تغرق"، وها هو الوقت قد حان ليشاهد العالم بنفسه تلك الأسطورة وذلك الإنجاز الرائع.

على رصيف ميناء كوين ستون بإنجلترا كان الاحتفال بالغا بهذا الحدث الكبير، فاصطف آلاف الناس من المودعين وغير المودعين يتأملون بإعجاب، السفينة العملاقة وهى راسية فى الميناء فى قوة وشموخ، والمسافرون- وهم يتجهون إليها- فى سعادة وكبرياء، ولا شك أن كل واحد منهم كان يتمنى فى قرارة نفسه، أن يكون له مكان على ظهر السفينة، لا يشغله إلى أى بقعة فى العالم قد يتجه، فالمهم أن يكون واحدا من أصحاب الرحلة الأولى على ظهر العملاقة تايتانيك.

جاء الموعد المحدد لبدء الرحلة، فارتفعت الأعلام، وبدأت فرق الموسيقى المحتشدة على رصيف الميناء، تعزف موسيقاها الجميلة المرحة وسط هتاف المودعين والمسافرين، وبدأ صوت المحرك يعلو ويعلو حتى أخذت السفينة تيتانيك تتحرك لتبدأ أولى رحلاتها وسط هذا الاحتفال البهيج. 

المـــــارد 

لم يكن اسم التيتانيك والذى يعنى المارد، اسما مبالغا فيه فى تسمية تلك السفينة فقد اتصفت بثلاث صفات لم تتوفر بغيرها من السفن وهى الضخامة- عدم القابلية للغرق – الفخامة، أما عن حجم السفينة العملاقة فقد بلغ وزنها 52310 طنا، وبلغ طولها 882 قدما، وعرضها 94 قدما، ولكى تتصور حجم هذه الضخامة بشكل آخر فالسفينة يمكن أن تعادل فى ارتفاعها ارتفاع مبنى مكون من أحد عشر طابقا، علاوة على طولها الكبير الذى قد يعادل أربع مجموعات من الأبنية المتجاورة، وعن عدم قابليتها للغرق، كانت السفينة تنفرد باحتوائها على قاعين يمتد أحدهما عبر الآخر كما يتكون الجزء السفلى من السفينة من 16 قسما "مقصورة" لا يمكن أن ينفذ منها الماء، وحتى لو غمرت المياه على سبيل الافتراض أحد هذه الأقسام فإنه يمكن لقائد السفينة، وبمنتهى السهولة أن يحجز المياه داخل هذا الجزء بمفرده، ويمنعها من غمر باقى الأجزاء. 

تايتانيك.. القصر

تمتعت السفينة تيتانيك بدرجة فائقة من الفخامة، لم تتوفر من قبل لأى سفينة ركاب، ويمكنك تصور مدى هذه الفخامة والروعة إذا عرفت أن ثمن تذكرة الدرجة الأولى لهذه السفينة قد يزيد عن دخل أى فرد من طاقمها طوال فترة حياته، وإن كانت الدرجتان الثانية والثالثة على وضع أقل من الفخامة إلا أنهما تعدان من أفضل وأرقى قاعات السفر عن مثيلتهما فى السفن الأخرى، ببساطة كانت تيتانك قصرا متحركا فوق الماء، سلالم الدرجة الأولى، القبة الزجاجية، المقهى، سفينة الأثرياء، معالم ساهمت فى استحقاق السفينة ــ بجدارة ــ للقب السفينة القصر، ضمت السفينة التايتانيك على ظهرها نخبة من أثرياء إنجلترا وأمريكا، وكان القدر قد انتقاهم من هنا وهناك، ليجمع بهم فى هذه الرحلة فكان من ضمن هؤلاء الأثرياء بل أثراهم جميعا الكونيل جون جاكوب استور البالغ من العمر 47 عاما، وهو حفيد عائلة استور الإنجليزية الشهيرة بتجارة الفراء، وقد مثل جون بنشاطه التجارى الضخم امتدادا لهذه التجارة إلى جانب امتلاكه لعدد من الفنادق العالمية.

وفى هذه الفترة من الزمان كان استور هو موضع أحاديث كثيرة خاصة فى المجتمع الإنجليزى بعد الفضيحة الكبيرة التى تعرض لها فقد طلقته زوجته، وتزوج بعد ذلك من فتاة صغيرة من نيويورك فى عمر أحفاده، فكانت تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما، وخلال هذه الرحلة كان استور وزوجته الحامل_ مادلين_فى طريقهما إلى نيويورك بعد رحلة شتوية قاما بها فى مصر وأوروبا لكنهما اختصرا جزء من زيارتهما لأوروبا، وقررا العودة سريعا للإقامة فى أمريكا بعد حملة التشنيعات التى واجهها استور خلال إقامته فى أوروبا.

كما ضمت التايتانيك نخبة الأثرياء منهم بنجامين جاجينهيم سليل عائلة جاجنهيم الأمريكية، ذات النشاط التجارى الضخم فى استخراج المعادن، كما كان هناك الثرى المعروف ازيدور ستروس وزوجته، وازيدور هو صاحب أكبر مجمع تجارى فى العالم "ميكيز" وبجانب هذه المجموعة السابقة، والتى تمثل أثرى أثرياء العالم كان هناك مجموعة أخرى من الأثرياء، ولكن بدرجة أقل قليلا مثل الوجيه الأمثل ارثر ريرسون، وجون ثاير مساعد رئيس هيئة السكك الحديدية بولاية بنسلفانيا وتشارلز هايز رئيس مجموعة الشاحنات الكندية، وهارى مولسن سليل إحدى العائلات الثرية بمونتريال، والتى تعمل فى مجال البنوك.

من أبرز طبقات المجتمع أيضا، كان هناك الإنجليزى سيركوزمو وزوجته ليدى دوف جوردن وكوزمو، هو أمير إنجليزى ينتمى للعائلة المالكة، أما زوجته دوف فهى مصممة أزياء شهيرة، وصاحبة أكبر مجلات للأزياء فى فرنسا والولايات المتحدة "الذين تخلفوا عن السفر"، كان من الممكن أن تضم قائمة المسافرين على السفينة تايتانيك مجموعة أخرى من الأثرياء والشخصيات البارزة لولا تخلفهم عن السفر، فقد تخلف عن السفر الثرى المعروف جب مورجان لسوء حالته الصحية، وكذلك فانديربلت وزوجته ومن عجب إنهما تخلفا عن السفر فى آخر لحظه قبل إبحار السفينة، وبعد صعودهما بالفعل إلى السفينة هما وخادمهما الخاص، وكما تخلف عن الرحلة لورد بيرى رئيس شركة هارلاند اند ولف، لبناء السفن فى بلفاست، والذى قام ببناء وتصميم السفينة تيتانيك لكنه تخلف عن الرحلة لظروف مرضية مفاجئة، وحل محله فى الرحلة المدير التنفيذى للشركة.

وضمت أيضا السفينة تيتانيك فى درجتها الثالثة مجموعة من الطبقات المتوسطة والفقيرة فى إنجلترا، والذين استجمعوا كل ما لديهم من أموال للسفر على هذه السفينة العجيبة ليس فقط من أجل المتعة، ولكن أيضا للبحث عن موطن آخر قد يتوفر فيه لهم مستوى أفضل من المعيشة، مما يلقونه فى موطنهم الأصلى، ولكن بطبيعة الحال كان وجود هؤلاء الفقراء شبه معزول عن طبقة الأثرياء التى سكنت فى السفينة كما سكنت فى المجتمع، الطبقة العليا بأجنحتها الممتدة الواسعة، بينما سكنت طبقة الفقراء الطبقة السفلى من السفينة بحجراتها الضيقة القريبة من الضوضاء والضجيج.

موكب السعادة على جبل الجليد

بدأت السفينة تيتانك رحلتها بالفرح والأمنيات الحلوة، واستمرت رحلتها عبر المحيط على هذا النحو لأربعة ليال كاملة، فراح كل من عليها يستمتع بأجمل الأوقات، كان الاستمتاع بجمال وفخامة السفينة بحجراتها الواسعة الأنيقة ومطعمها البديع، وما يحمل من أشهى المأكولات المختلفة هو نوع آخر من المتعة الكبيرة التى حظى بها ركاب السفينة، ومن ناحية أخرى كانت السفينة تايتانيك قد قطعت شوطا كبيرا من رحلتها الأولى بنجاح وهدوء تام، أثبتت فيه جدارتها الفائقة فى خوض البحار، وقد دعا هذا إلى زيادة سرعة السفينة بدرجة كبيرة وإطلاق العنان لها بعد أن تأكد لطاقمها جدارتها فى خوض البحر خلال الخمسمائة ميل السابقة، أما قبطان السفينة، كابتن إدوارد سميث والبالغ من العمر 62 عاما، فقد كان أسعد من عليها، فهذه الرحلة الأخيرة له والتى يختتم بها ما يزيد على ثلاثين عاما من العمل فى أعالى البحار، والذى شهد له الكثيرون خلال هذه الفترة بالنجاح والمهارة الفائقة. 


رسائل إنذار لم تحتمل الغرور

وفى 14 أبريل 1912، وهو اليوم الخامس من رحلة السفينة بدأت المخاطر تتربص بالسفينة العملاقة ومن عليها من سادة القوم فمنذ ظهيرة ذلك اليوم حتى أخره، تلقت حجرة اللاسلكى بالسفينة رسائل عديدة من بعض السفن المارة بالمحيط، ومن وحدات الحرس البحرى تشير إلى اقتراب السفينة من الدخول فى منطقة مياه جليدية مقابلة للساحل الشرقى لكندا، وعلى الرغم من هذه الرسائل العديدة التى تلقتها السفينة، لم يبد أحد من طاقمها، وعلى الأخص كابتن سميث، أى اهتمام، حتى أن عامل اللاسلكى قد تلقى بعض الرسائل ولم يقم بإبلاغها إلى طاقم السفينة لعدم اكتراثهم بها، فعلاوة على اعتقادهم من خبرتهم السابقة، بندرة تكون الجليد فى هذه المنطقة من المحيط فى شهر أبريل، فقد كانوا جميعا على ثقة بالغة بسفينتهم العملاقة تايتانيك، فقد كانت تبدو لهم أكبر من أن يعترض شيئا طريقها، فما بالهم يعبئون ببعض قطع من الجليد؟، خاصة أن المحيط هذا اليوم كان هادئا تماما كالبساط الممتد، كما كان الجو باردا لكنه كان مشمسا فى معظم الوقت فماذا يمكن أن يهددهم، أو يعترض طريقهم ؟، لكنه بعد حلول الظلام وبالتحديد فى الساعة التاسعة مساء من نفس هذا اليوم، بدأت درجة الحرارة فى الانخفاض بشكل ملحوظ، مما جعل كابتن سميث يدرك أن السفينة تقترب، بالفعل، من منطقة جليدية، لكنه على الرغم من ذلك لم يبد اهتماما كبيرا لهذا الأمر، فكل ما قام به هو إعطاء الأوامر بتفقد خزانات المياه، خوفا من أن تكون المياه قد تجمدت بها، كما بلغ مراقب السفينة، فر يدريك فليت، بتشديد الرقابة والإبلاغ عن أى كتل ثلجية ضخمة قد تتراءى له.

ثم دخل كابتن سميث حجرته لينام، وفى الحقيقة أن كابتن سميث رغم خبرته الطويلة، قد وقع فى خطأ كبير بهذا التصرف، ربما لثقته البالغة بسفينته العملاقة وخبرته الطويلة، فهو لم يفكر إطلاقا فى إنقاص سرعة السفينة، حيث كانت تنطلق فى هذا اليوم بأقصى سرعتها، كذلك نسى كابتن سميث أن كتل الجليد الضخمة قد تفاجئ سفينته فى لحظات، فقد كانت الرؤية فى هذه الليلة غير قمرية غاية فى الصعوبة، حتى أن الأفق لم يكن واضحا على الإطلاق.

جبل الجليد

فى حوالى منتصف نفس هذه الليلة، وبينما فليت مراقب السفينة يتناول بعض المشروبات الدافئة لعلها تزيل عنه البرد القارص فى هذا الوقت، فجأة رأى فليت خيالا مظلما يقع مباشرة فى طريق السفينة، وفى ثوان معدودات بدأ هذا الخيال يزداد بشكل ملحوظ حتى تمكن فليت من تحديده، إنه جبـل جليدى، فقام فليت بسرعة بإطلاق جرس الإنذار عدة مرات لإيقاظ طاقم السفينة، كما قام بالاتصال بالضابط المناوب وأخبره بوجود جبل من الثلج يقع مباشرة فى اتجاه السفينة، حيث قام بسرعة وأمر بتغيير اتجاه السفينة ثم بإيقاف المحركات، ولكن لم يكن هناك أى فرصة لتجنب الاصطدام، فارتطم جبل الثلج بجانب السفينة ومن الغريب أن هذا التصادم لم يكن ملحوظا أو مسموعا بدرجة واضحة، حتى أن باقى أفراد طاقم السفينة قد ظنوا أنهم نجحوا فى تغيير المسار، وتجنب الاصطدام، ومع حدوث هذا التصادم، تساقطت كتل كبيرة من الثلج على ظهر السفينة، وعلى الرغم من ذلك لم تهتز السفينة إلا هزة بسيطة كانت غير ملحوظة، لكنها انزلقت قليلا من الخلف، وبعد عدة دقائق توقفت السفينة تماما عن الحركة.

لم يشعر معظم ركاب السفينة بأن سفينتهم العملاقة قد اصطدمت بأى شئ، فإلى جانب أن التصادم كان غير مسموعا بدرجة كافية، كان معظم المسافرين داخل حجراتهم، فى هذه الليلة الباردة بل أن الكثيرين منهم كانوا قد استغرقوا فى النوم، فلم يكن مستيقظا فى ذلك الوقت سوى بعض الرجال الذين كانوا يدخنون السيجار فى الغرفة الخاصة لذلك من الدرجة الأولى، بعد تناولهم العشاء وبعد انصراف زوجاتهم إلى حجرات النوم، ولم يكن صوت هذا التصادم مسموعا لهم ألا بدرجة خافته، فقام اثنان منهم واتجها إلى ظهر السفينة لمعرفة سبب هذا الصوت الخافت، وتبعهما بعد ذلك آخرون وآخرون، ومن الغريب أنهم جميعا لم يبدوا أى اهتمام، فلم يبالوا إلا بمشاهدة جبل الثلج والقطع المتناثرة منه على ظهر السفينة، ثم عادوا جميعا بعد ذلك لما كانوا فيه، فمنهم من عاد ليكمل لعبته المسلية، ومنهم من عاد لتدخين السيجار وتناول المشروبات، كما دخل بعضهم حجراتهم الخاصة ليخلدوا للنوم، كذلك عبر بعض المارين بالسفينة فى ذلك الوقت عن إحساسهم بهذا التصادم بصور مختلفة، فقال بعضهم: "إنه كان يبدو كما لو كانت السفينة مرت على أرض من المرمر"، وهو تشبيه ملائم تماما لتلك الطبقة الأرستقراطية، كما ذكر آخرون: "أنه كان يبدو كالصوت الصادر عن تمزيق قطعة قماش"، كذلك ذكر أحد الضباط على السفينة والذى كان نائما بحجرته فى ذلك الوقت، أن كل ما أحس به هو حدوث اهتزاز بسيط بجدار السفينة، مما أقلق نومه، لكنه عاد للنوم مرة أخرى، بعد أن تبادر إلى ذهنه أن السفينة قد غيرت من اتجاهها بطريقة غير لائقة. 

المفاجأة 

عند قاع السفينة كان التصادم يعنى شيئا أخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة، فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم، اكتشف الفنيون حدوث كسر بجانب السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل السفينة، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما، وامتلأت أيضا حجرة البريد بالمياه التى طفت فوقها عشرات الخطابات، مما يشير إلى كارثة وإن غرق السفينة تيتانيك أمر محتم. 

إخلاء السفينة

لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى أوامره فى الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة، كما أمر بإرسال نداء الإغاثة (SOS). ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث، فعدد ركاب السفينة هو 2227 راكبا، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفى حمولتها جميعا إلا لنقل 1100 راكب، وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة، الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة فى هدوء تام وعدم اكتراث، بل أن بعضهم خرج يغنى ويمزح، وكأنهم يسخرون من هذا الموقف، فهم لا يزالون يعتقدون أنهم على ظهر السفينة العملاقة التى لا يمكن أن تغرق، بدا ركاب السفينة والذين ظهر بعضهم بثياب النوم يرتدون سترات النجاة، ثم أخذوا يصعدون قوارب النجاة تحت تعليمات كابتن سميث، الذى أمر بإخلاء السفينة من النساء والأطفال أولا، على أن يذهب الرجال بعد ذلك إلى قوارب النجاة إذا توفر لهم أماكن بها.

وفى الحقيقة، إن بعض الركاب لم يكونوا يريدوا الدخول إلى قوارب النجاة، فكانت السفينة العملاقة لا تزال مطمئنة بالنسبة لهم عن قوارب النجاة الصغيرة، حتى أن بعض البحارة قد أخذ يزج بعضا منهم إلى القوارب، فقد كانوا مدركين تماما للكارثة التى تنتظرهم، كما اضطر البحارة أمام رفض بعض الركاب إلى إنزال بعض قوارب النجاة إلى المياه، وهى غير ممتلئة عن آخرها، فلم يكن هناك أى وقت للتأخير والمماطلة، وكان ركاب الدرجة الثالثة من الفقراء هم آخر من وصل إلى قوارب النجاة، حيث يقيمون بالحجرات السفلى من السفينة، بل أن بعضهم ظل منتظرا بأسفل السفينة لا يدرى ماذا يفعل، على رغم علمهم بوجود محنة على ظهر سفينتهم.

بريق الأمل

فى نفس الوقت بدأ عامل اللاسلكى بالسفينة يرسل نداءات متكررة للإغاثة، وإن كانت بعض السفن قد التقطت هذه النداءات إلا أنها كانت لا تزال بعيدة جدا عن السفينة تيتانيك، فكانت كل هذه النداءات دون جدوى، ولكن ظهر للسفينة تيتانيك أمل جديد، فعلى بعد عشرة أميال فقط كانت هناك سفينة أخرى هى السفينة كاليفورنيان، والتى كان من الممكن أن تصل إلى السفينة المنكوبة فى دقائق، وتقوم بإنقاذ ركابها من الكارثة التى تهددهم، ولكن لسوء الحظ لم يصل للسفينة كاليفورنيان أى نداء للإغاثة من النداءات المتكررة التى ظلت ترسل بها السفينة تيتانيك، ففى هذا الوقت المتأخر من الليل قام عامل اللاسلكى بالسفينة كاليفورنيان بإغلاق جهاز الاتصال، وبعد عدة محاولات يائسة قام ضباط السفينة تيتانيك بمحاولة أخرى لشد انتباه السفينة كاليفورنيان إلى سفينتهم المنكوبة، فقاموا بإطلاق عدة صواريخ نارية فى السماء، وانطلقت معها الهتافات والنداءات المتكررة، ولكن على الرغم من ذلك لم تتخذ السفينة كاليفورنيان أى موقف تجاه هذه الإشارات الضوئية، فلم يتبادر إلى ذهن طاقمها أن السفينة تيتانيك فى خطر، وأنها ترسل هذه الإشارات طلبا للنجدة، وبالتالى سارت السفينة كاليفورنيان فى طريقها غير عابئة بهذه الإشارات، وأخذت تبعد تدريجيا عن السفينة تيتانيك، وبعد معها آخر أمل فى إنقاذ السفينة.

موسيقى على ظهر المنكوبة

أما على ظهر السفينة تيتانيك، فراحت فرقة الموسيقى المصاحبة للرحلة، تعزف موسيقى المرح والسعادة أثناء إنزال قوارب النجاة من السفينة إلى المحيط، وإن كانت هذه الموسيقى قد ظلت لفترة من الوقت ملائمة تماما للجو النفسى لركاب السفينة الساخرين واللاهين، إلا أنها صارت بعد ذلك غير ملائمة لحالة الخوف والقلق التى بدأت تنتاب معظم الركاب مع إنزال أقدامهم على ظهر السفينة، التى بدأت مؤخرتها فى الانخفاض تدريجيا إلى سطح المياه. واستمر الحال كما هو عليه بظهر السفينة، الموسيقى تعزف، والسفينة تنخفض تدريجيا والخوف يزداد ويزداد مع اقتراب ظهر السفينة من سطح المياه، والذى لا يزال يحمل مئات الركاب، والذين لم يتم بعد إخلائهم منها، فبدأ شبح الموت يخيم على وجوه الجميع، فقد أصبح حقيقة واقعة خاصة بعد نفاد معظم قوارب النجاة، فلم يعد يبقى منها غير قاربين فإما الموت غرقا مع السفينة وإما القفز إلى المياه الجليدية الكفيلة بإحداث صدمة عصبية مميتة بمجرد النزول إليها. 

وأمام شبح الموت الذى خيم على السفينة بأكملها برزت بعض المواقف الإنسانية الجميلة التى عبرت عن الوفاء فى أسما صوره، ولكن كان هناك أيضا بعض المواقف الغريبة والمثيرة للدهشة، فمن ضمن هذه المواقف الإنسانية الجميلة التى برزت أمام شبح الموت، هو تشبث بعض الزوجات بأزواجهن، ورفضهن مغادرة السفينة عند مجىء دورهن فى الانتقال إلى قوارب النجاة.

وكان أروع مثل شهدته السفينة لهذا الوفاء العظيم، هو ما عبرت عنه مسز ايدا ستروس زوجة الثرى الكبير ايزدور ستروس، والتى عادت مرة أخرى إلى ظهر السفينة بعد دخولها إلى قارب النجاة، لتحضن زوجها وهى تبكى قائلة: لقد عشنا معا سنوات طويلة لا يمكن أن ارحل من دونك، سوف امضى حيث تمضى، وذهب الاثنان معا ليجلسا فى ركن هادئ بعيد وأخذا يرقبان ما يجرى حولهما فى انتظار القرار الأخير لنهاية مصيرهما المشترك.

السيجار أهم

كانت هناك صورة أخرى غريبة وشاذة، ففى الحجرة الخاصة بالتدخين بالدرجة الأولى جلس ميجور اركيبولد بوت، وثلاثة آخرين يدخنون السيجار ويتجاذبون أطراف الحديث غير مكترثين تماما بما يجرى حولهم، على الرغم من أن السفينة فى ذلك الوقت قد انخفضت بدرجة كبيرة إلى سطح المياه، كذلك كان للمليونير بنجامين جاجنيهيم، الذى اشتهر بأناقته موقف فى غاية الغرابة أثناء هذه اللحظات الحرجة التى بدأت فيها السفينة تنغمس بوضوح فى مياه المحيط، إذ قام المليونير إلى حجرته، وبدل سترة النجاة التى كان يرتديها بأخرى أنيقة خاصة بالحفلات الرسمية، وعندما أنهى زينته وأناقته على أكمل وجه، توجه إلى ظهر السفينة ليعلن أمام الجميع قائلا: "مادام الهلاك لا مفر منه، سأموت جنتلمان كما عشت جنتلمان"، وبمرور الوقت، تم امتلاء كل قوارب النجاة وإنزالها إلى المياه من على ظهر السفينة تيتانيك، ولم يدر المئات من المسافرين والذين مازالوا على ظهر السفينة ماذا يفعلون؟، فلجئوا جميعا فى فزع وخوف إلى مقدمة السفينة المرتفعة فى الهواء عن سطح الماء، بعد أن غاصت مؤخرتها تماما فى المياه. 

وما كان أقساها من فترة مؤلمة للجميع، فلم يبق أمامهم إلا دقائق وتغوص بهم السفينة بأكملها فى مياه المحيط، وأمام هذا الفزع الرهيب اضطر بعض الركاب إلى الوثب فى المياه الجليدية لعلهم يلحقون بقوارب النجاة، ومن المؤسف أن معظمهم قد مات، ولم ينج منهم إلا القليل والذين استطاعوا أن يصلوا إلى قوارب النجاة، والتى أخذت تبحر بعيدا عن السفينة. 

السبب الحقيقى لغرق السفينة

يرى خبراء الغرب أنه على الرغم من غرق السفينة تيتانيك بهذه الصورة المفاجئة، وفى أولى رحلاتها، إلا أنها لا تزال من آمن السفن التى عرفتها البشرية، ليس فقط من حيث الفترة التى بنيت فيها السفينة، بل وحتى اليوم وأن السبب الرئيسى لغرق السفينة يكمن فى كيفية وقوع الاصطدام، حيث اصطدمت السفينة بجبل الجليد الذى فاجأها، وهى تسير بأقصى سرعتها، فلم يسبق أن شهدت بحار العالم مثل هذا الحادث وبنفس الكيفية التى تم بها.

لقد فات على خبراء الغرب تفسير الحادث من منطلق آخر، نؤمن به نحن المسلمين، وهو أنه لا يمكن لأحد من البشر أن يتحدى قدرة الله، فهؤلاء الأثرياء ظنوا أنهم فى بروج عالية، وأن سفينتهم العملاقة تحميهم من أى خطر كان، انظروا إلى ما يقوله أحد موظفى شركة وايت ستار "المصنعة للسفينة" فى 31 مايو 1911"Not even God himself could sink this ship."وترجمتها حرفيا (حتى الله نفسه.. لا يستطيع إغراق هذه السفينة).

لقد تحدت هذه السفينة قدرة الله، أو هكذا أرادوا لها من صنعوها، وانطلقت باسم المارد، ولكن الله عز وجل بقدرته التى لا حدود لها، أغرقها، وبأتفه الأسباب.

ترى بعد قرن من الزمان، هل بقى من تايتانيك، سوى قصة الحب الشهيرة التى خلدها الفيلم الذى حمل اسم السفينة العملاقة، وأغنيته الفرنسية الرائعة سيلين ديون، أعرف أن قلبى سيستمر؟.  


 youm7.com
 
اقرأ المزيد عن الخبر



صورة ارشيفية  

عثرت سيدة بمركز الخانكة فى محافظة القليوبية، على 2500 (إشارة) خاصة بالقوات المسلحة. تلقى اللواء محمود يسرى، مدير أمن القليوبية، إخطاراً من مأمور مركز الخانكة، مفاده عثور سيدة على عدد من الشارات الخاصة بالقوات المسلحة داخل عدة أكياس صغيرة.

تبين من خلال التحريات وفحص الأكياس لمدير المباحث اللواء محمد القصيرى، أن العلامات تخص "سلاح الصاعقة والمظلات" بالقوات المسلحة.


وبسؤال "سعاد عطية"، 50 سنة، المقيمة مركز الخانكة، أكدت عثورها على كيس بلاستيك بشارع البطل أحمد عبد العزيز، دائرة القسم، داخله عدد 494 كيسا صغير الحجم بداخل كل كيس عدد 5 شارات معدنية خاصة بالقوات المسلحة، وقامت بتسليمه إلى مركز شرطة الخانكة.


من جانبه، صرح مصدر عسكرى مسئول لـ"اليوم السابع" بأن التحريات العسكرية تجرى تحقيقات موسعة بشأن هذا الأمر للوقوف على ملابسات الحادث ومعرفة من المسئول عن تهريب تلك الشارات، أو تصنيعها فى بعض ورش محافظة القليوبية، مرجحاً أن تكون هناك ورش لتصنيع زى القوات المسلحة فى منطقة الخانكة لصالح عدد من الموزعين المعتمدين من الجيش، تعمل من الباطن، بالمخالفة للقانون.


وأوضح المصدر أن تلك الشارات يتم تعليقها على الكتف لتدل على السلاح الذى ينتمى له الضابط أو ضابط الصف وتمييزه، لافتا إلى أن الشارات الخاصة بالصاعقة والمظلات يتم تعليقها لكل ضباط الكلية الحربية، الذين يحصلون على فرق تدريب حتمية فى الصاعقة والمظلات.


وأشار المصدر إلى أن الشرطة العسكرية استمعت للسيدة التى وجدت تلك المضبوطات من أجل معرفة المكان الذى وجدتها فيه بالتحديد، لجمع التحريات بشأن الواقعة، وذلك بعد تحرير المحضر اللازم، وإخطار النيابة العامة، لافتاً إلى أن النيابة العسكرية سوف تحقق فى الأمر حال القبض على المتهم المتورط فى تهريب أو صناعة تلك الشارات.


وأوضح المصدر أن القوات المسلحة تولى اهتماماً خاصاً بأى مضبوطات تخص الزى العسكرى للقوات المسلحة، حيث مازالت اللجنة التى شكلها الفريق أول عبد الفتاح السيسى، القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربى، لفحص مضبوطات أقمشة الزى العسكرى، التى تم التحفظ عليها فى مطار القاهرة وميناء الإسكندرية، تعمل حتى الآن، ولم تنته من تحقيقاتها بعد، وذلك من أجل وضع حلول فورية، تضمن حماية الأمن القومى المصرى، وسلامة رجال القوات المسلحة من تعرضهم لأى محاولات استهداف.


كان "اليوم السابع" قد نشر تصريحات منسوبة لمصادر عسكرية الأسبوع الماضى، تؤكد أن القيادة العامة للقوات المسلحة بصدد إعادة صياغة الإجراءات الخاصة بالتعامل مع الزى العسكرى داخل مختلف التشكيلات التعبوية البرية، والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، بالإضافة إلى مطالبة المؤسسة التشريعية بضرورة إصدار تشريع عاجل، فيما يتعلق بتشديد العقوبات على كل من يضبط ومعه زى عسكرى، سواء كان ذلك بغرض الاستخدام الشخصى أو الاتجار به، وسيكون التشريع الجديد أكثر صرامة لمواجهة مشكلة انتشار عمليات تهريب أقمشة الزى العسكرى فى الفترة المقبلة، لما يمثله تهريب أقمشة زى القوات المسلحة من خطورة، وما قد يترتب عليه من نتائج سلبية حال استخدام تلك الأقمشة من خلال جماعات مسلحة، أو حركات إرهابية تقوم بعمليات انتحارية باسم الجيش المصرى، سواء داخل مصر أو خارجها.
اقرأ المزيد عن الخبر

الزيارات:
دراسة تنصح بالتخلى عن حمالة الصدر تثير ضجة فى فرنسا

مرسلة بواسطة Unknown يوم 0 التعليقات




صورة أرشيفية

أثار طبيب متخصص فى الطب الرياضى الذعر فى فرنسا المعروفة بولعها بالملابس النسائية، عندما أعلن أن دراسته أجراها على صدور أكثر من 300 امرأة على مدى 16 عاما خلص منها إلى ضرورة التخلى عن حمالات الصدر.

وسلطت الأضواء على الطبيب جان دينى روليون (62 عاما) بعد أن قال لمحطة إذاعية طلابية إن بحثه أظهر أن ارتداء حمالة الصدر يضعف العضلات الطبيعية الحاملة للثديين مضيفا أنه ينبغى على النساء التفكير فى عدم ارتدائها.


ووصل هذا النبأ إلى الإذاعة الوطنية وسرعان ما لاحقت الصحف والقنوات التليفزيونية روليون الذى يعمل فى جامعة فرانش كومتيه الصغيرة ببلدة بيزانسون شرق البلاد.


وأجرت إذاعة فرانس إنفو مقابلة مع إحدى المتطوعات فى الدراسة وتدعى كابوسين (28 عاما)، حيث قالت إن خلعها حمالة الصدر ساعدها على التحرر فى أكثر من ناحية وتحسين تنفسها واستقامة جسدها.


وقالت كابوسين للمحطة الإذاعية الإخبارية "يمكنك التنفس بشكل أفضل والوقوف بصورة أكثر استقامة ويقل إحساسك بالآم الظهر".


واهتمت صحيفة لوموند اليومية الشهيرة أيضا بهذه الدراسة إذ نشرت تقريرا يؤرخ لأصول حمالة الصدر التى يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر.


وقال روليون لرويترز، "إن هذه الدراسة التى لم تنشر بعد ما زالت فى مراحلها الأولى وإنه يرى من السابق لأوانه إسداء نصيحة قاطعة لجميع النساء رغم الضجة الإعلامية التى أثارها بحثه".


وأظهرت النتائج الأولية لدراسته التى أجراها على 330 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و35 عاما أن ارتداء حمالة الصدر فى سن مبكرة غير مفيد للثدى والاستغناء عنها يمكن أن يزيد من قسوته.


وقال روليون إن حمالات الصدر "تضعف الأربطة الحاملة للثدى" موضحا أنها تعيق حركة الدورة الدموية أيضا.


ومضى يقول "لكن ماذا عن المرأة التى بلغت محطة منتصف العمر وتعانى من زيادة الوزن ولديها أطفال؟ لست على يقين تام من أنها ستستفيد من خلع حمالة الصدر.


 youm7.com
اقرأ المزيد عن الخبر


اقرأ المزيد عن الخبر