الناصرة ـ 'القدس العربي': قالت دراسة جديدة صادرة من مركز بيغن-السادات الإستراتيجية إن اعتذار إسرائيل لتركيا عن الخطأ العملياتي في حادثة مرمرة هو خطأ الدبلوماسية، سواء من حيث المضمون والتوقيت، ولفت مُعد الدراسة، البروفيسور إيتمار عنباري، إلى أنه من المستبعد جدا أن نرى تغييرا أو تحولا في السياسات التركية المعادية للغرب بشكلٍ عام، ولإسرائيل بشكلٍ خاص، مشيرا إلى أن الاعتذار قد يُعزز الطموحات التركية فقط ويُضعف الردع الإسرائيلية.
وأضاف أنه من الصعب فهم أو تبرير الاعتذار ذلك أن استخدام القوة الإسرائيلية في الحادث المذكور كان مشروعا تماما، والذي أكدت لجنة بالمر التي عينتها الأمم المتحدة، وعلاوة على ذلك، كان الحادث استف
وتابع أن الأسوأ من ذلك، هو الأمل في تل أبيب لحقبة جديدة في العلاقات الإسرائيلية - التركية، الذي هو ببساطة مجرد وهم. فالاعتذار أوفق بالكاد حملة التحريض التي يقودها رئيس الوزراء التركي ضد الدولة العبرية، كما أنه أعلن عن نيته زيارة قطاع غزة، وهذه الزيارة هي بمثابة صفعة لكلٍ من تل أبيب وواشنطن. وبرأيه اعتمدت تركيا تحت حزب العدالة والتنمية التوجه التدريجي نحو الإسلام المتشدد في سياسته الخارجية، والتي تُغذيها العثمانية الجديدة ونبضات إسلامية، ولها هدف إلى كسب دور قيادي في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، تحقيق هذا الهدف يتطلب انتقادات قاسية لإسرائيل، ونتيجة لذلك، فقد حظي رجب طيب أردوغان وتركيا بشعبية كبيرة نتيجة هذه السياسة، للأسف، فإن الهجمات الشرسة على إسرائيل تأتي بسهولة من أردوغان، وهي انتقادات معادية للسامية.
وبرأي الدراسة فشلت إسرائيل في فهم توجه الإسلاميين الجدد في تركيا، فخلال عدة سنوات لم تتمكن إسرائيل في التعاون مع تركيا الموالية للغرب في الشرق الأوسط المضطرب. فلأنقرة وتل أبيب وجهات نظر مختلفة جدا في مجموعة متنوعة من القضايا. بينما تركيا هي حقا لاعب مهم وقوي في السياسة الإقليمية، والسلوك على مدى العقد الماضي سبب الضرر للمصالح الإسرائيلية، فتركيا لا تلتزم سياسة الولايات المتحدة بشأن إيران، بل على العكس من ذلك، تُساعد أنقرة طهران للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها، وهي، أيْ إيران، بلد تدعو علنا إلى شطب إسرائيل كليا عن الخريطة، وبالمقابل تُواصل تطوير برنامجها النووي.
تركيا أيضا تقف إلى جانب حركة حماس، وهي منظمة إرهابية إسلامية تسعى لتدمير الدولة اليهودية، وقد ساعدت أنقرة حماس في ترسيخ حكمها في غزة وكسب الدعم الدولي والاعتراف بها، على حد تعبير البروفيسور عنباري.
كما أن تركيا، زادت الدراسة، هي أيضا تقوم بمساعدة العناصر الإسلامية السنية المتطرفة للاستيلاء على سورية، كما أنها تدعم فكرة معارضة عنيفة ضد الوجود الإسرائيلي في هضبة الجولان. على هذا النحو، من غير الممكن أنْ يتم التعاون بين إسرائيل وتركيا مع الولايات المتحدة في الحد من الضرر الذي سيُحدثه تفكك سورية، على حد قوله.
وعلاوة على ذلك، تركيا، لا تزال عضوا في الناتو، وتقوم بمحاولات عرقلة جهود إسرائيل في تطوير علاقاتها مع هذا الحلف، كذلك فإن الموقف التركي في حلف شمال الأطلسي يعيق أيضا قدرة التحالف الغربي على التعامل بفعالية أكبر مع التحدي النووي الإيراني، على حد قوله. مضافا إلى ذلك، رأى مُعد الدراسة أن هناك تشابكا في المصالح الإسرائيلية-التركية في البحر الأبيض المتوسط، فأعمال البلطجة التركية في قبرص تتناقض مع خطط إسرائيل لتصدير ثروات الغاز المكتشفة حديثا عبر هذه الجزيرة الدول الأوروبية المتعطشة للطاقة، ذلك أن تركيا، التي تعتبر نفسها جسرا للطاقة إلى أوروبا، لا تريد المنافسة الإسرائيلية، حتى أنها قد تستخدم القوة العسكرية للحفاظ على دورها في سوق الطاقة، كما قالت الدراسة.
وتابعت الدراسة أن العامل المهم في المنطقة، التي يُسيطر عليها منطق القوة، هو كيف ستنظر الدول للاعتذار الإسرائيلي، حتما سيرى العالم أن إسرائيل تحت قيادة بنيامين نتنياهو هي ضعيفة، وترضخ للضغوطات الأمريكية، الأمر الذي يُضعف في الرأي العام قوة الردع للدولة العبرية، والضعف في الردع في الشرق الأوسط، هو بمثابة دعوة مفتوحة إلى شن عدوانٍ وهذا هو أيضا التفكير في أنقرة، الذي يُعتبر أقطابها مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل، ولتدليل على ذلك، قالت الدراسة إن مصر وإيران، المحكومتين من قبل الإسلاميين، وصفتا الاعتذار الإسرائيلي بأنه انتصار تركي على الكيان الصهيوني. كما أن الاعتذار هو نجاح للدبلوماسية الأمريكية، لكنه يعكس سوء فهم أمريكي خطير الأمريكية لتركيا بأنها تمثل الإسلام المعتدل، فتركيا تنأى بنفسها عن الغرب وقيمه.
كما أن إسرائيل باعتذارها منحت أردوغان إنجازا دبلوماسيا، وعمقت قبضة حزبه على السياسة التركية. كما أن التوقيت بات عاملا مهما لأن السياسة الخارجية التركية في أزمة بسبب نهجها 'صفر مشاكل مع جيرانها'، وبالتالي تركيا كانت في حاجة إلى نجاح دبلوماسي بفضل إسرائيل، التي كان بإمكانها حل مشكلة العلاقات الثنائية بشكلٍ أفضلٍ. وذكرت الدراسة بتصريح أردوغان الذي قال فيه إن الصهيونية هي جريمة ضد الإنسانية.
وقال إنه لن يعتذر، ولكنه قال لصحيفة دنمركية إنه أسيء فهمه. وكان هذا جزءا من جهود منسقة في تركيا لمنع انتقادات دولية إضافية بشأن هذه المسألة، بالإضافة إلى ذلك، فإن تقديم تل أبيب اعتذارا لأحد أنصار حماس، أي أردوغان، بعد يوم واحد فقط من إطلاق حماس صواريخ ضد إسرائيل مرة أخرى، يؤكد للطرف الثاني مدى الضعف الإسرائيلي، وخلصت الدراسة إلى القول إن منع إسرائيل أردوغان من زيارة النصر للقطاع في هذه الظروف سيكون تصرفا أحمقا، ولكن بالمقابل فإن توقيت الزيارة في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لتقوية مكانة رئيس السلطة محمود عباس يُضعف تل أبيب ورام الله على حدٍ سواء، وعليه من الصعب أنْ نشهد انعكاسا أوْ تحولا في السياسات التركية المعادية للغرب ولإسرائيل، والاعتذار الإسرائيلي يُعزز فقط الطموحات التركية ويُضعف الردع الإسرائيلية. 


 alquds.co.uk
تعليقات
0 تعليقات